السلآآم عليكم ورحمة الله وبركــآته
**
*
لا يدخل الجنة عاق
عن أبي بكرة، عن أبيه،
قـال:
ذكرت الكبائر عند النبي ،
فقال:
(الإشراك بالله، وعقوق الوالدين) وكان متكئاً فجلس،
وقال:
(ألا وشهادة الزور). وما زال يكررها حتى قلنا: ليته يسكت).
وعن أنس،
قال:
سئل رسول الله عن الكبائر،
فقال:
(الشرك بالله، وقتل النفس، وعقوق الوالدين...).
الحديث.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي
قال:
(الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس. واليمين الغموس)
.وعنه ، قال:
(لا يدخل الجنة عاق، ولا مدمن خمر، ولا من يكذب بالقدر، واليمين الغموس).
وعن ابن عمر، أن النبي ،
قال:
ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة:
العاق لوالديه، ومدمن الخمر، والمنان بما أعطى.
وعن أبي هريرة،
قال:
قال رسول الله :
(أربعة حق على الله تعالى ألا يدخلهم الجنة ولا يذيقهم نعيمها: مدمن الخمر،
وآكل الربا، وآكل مال اليتيم بغير حق، والعاق لوالديه).
وعن زيد بن أرقم،
قال:
سمعت رسول الله :
(من أصبح ووالداه عنه راضيين أصبح وله بابان مفتوحان من الجنة، ومن أمسى ووالداه
عنه راضيين أمسى له بابان مفتوحان من الجنة. ومن أصبح وهما ساخطان عليه أصبح له
بابان مفتوحان من النار، وإن كان واحد فواحد قيل:
وإن ظلماه؟
قال:
وإن ظلماه،
وإن ظلماه، وإن ظلماه).
وعن عمرو بن مرة الجهني،
قال:
جاء رجل إلى النبي ،
فقال:
يا رسول الله، أشهد ألا آله إلا الله، وأنك رسول الله، وصليت الخمس، وأديت
الزكاة، وصمت رمضان.
فقال رسول الله :
(من مات على هذا كان مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين يوم
القيامة هكذا - ونصب أصبعيه - مالم يعق والديه).
وعن أبي هريرة أن رسول الله صعد المنبر
فقال:
(آمين، آمين، آمين).
فلما نزل،
قيل:
يا رسول الله، إنك حين صعدت المنبر،
قلت:
آمين ثلاث مرات،
فقال:
(إن جبريل أتاني،
فقال:
من أدرك شهر رمضان فلم يغفر له فمات فدخل النار فأبعده الله،
قل: آمين.
فقلت: آمين.
ومن أدرك أبويه أو أحدهما فلم يبرهما فمات فدخل النار أبعده الله،
قل: آمين،
قلت: آمين،
ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار أبعده الله،
قل: آمين.
قلت: آمين).
وعن أبي الطفيل،
قال:
سئل علي رضي الله عنه: هل خصكم رسول الله بشيء لم يخص به الناس؟
قال:
ما خصنا رسول الله بشيء لم يخص به الناس إلا ما في قراب سيفي، ثم أخرج
صحيفة فإذا فيها:
(لعن الله من ذبح لغير الله، لعن الله من سرق منار الأرض، لعن الله من عق والديه).
وعن أبي هريرة
قال:
قال رسول الله :
(رغم أنفه، رغم أنفه).
قيل:
من يا رسول الله؟ قال: (من أدرك والديه عنده الكبر أو أحدهما فدخل النار).
وعن ابن عباس - رضي الله عنه، أنه ،
قال:
(ملعون من سب أباه، ملعون من سب أباه).
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله ،
قال:
(لعن الله سبعة من خلقه فوق سبع سموات: ملعون من عق والديه).
الحديث وعنه أنه ،
قال:
(لا يتقبل الله صلاة الساخط عليه أبواه غير الظالمين له).
وعن أنس أن رسول الله ،
قال:
(من أرضى والديه فقد أرضى الله، ومن أسخط والديه فقد أسخط الله).
وعن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله ،
قال:
(يقول الله عز وجل: اعمل ما شئت فإني أغفر لك، ويقول للبار، اعمل
ما شئت فأني سأغفر لك).
وعن أبي بكرة، أن رسول الله ،
قال:
(كل الذنوب يؤخر منها ما شاء الله إلى يوم القيامة إلا عقوق الوالدين، فإنه
يعجله لصاحبه في الحياة الدنيا).
وعن أنس رضي الله عنه، أن النبي ،
قال:
(أن الله عز وجل أوحى إلى موسى بن عمران عليه السلام، يا موسى، أن كلمة العاق
لوالديه عندي عظيمة. قالوا: يا موسى، وما الكلمة؟ قال: أن يقول لوالديه: لا لبيكما).
وعن بعض الحكماء:
(لا تصادق عاقاً، فإنه لمن يبرك، وقد عق من هو أوجب منك حقاً).
شؤم العاق لوالديه
عن عبد الله بن أوفى،
قال:
جاء رجل إلى النبي ، فقال:
(يا رسول الله، ههنا غلام قد أحتضر، يقال له. قل له. لا إله إلا الله فلا يستطيع أن يقولها
.قال:
(أليس كان يقولها في حياته)؟
قالوا:
بلى.
قال:
(فما يمنعه منها عند موته)؟
فنهض رسول الله ونهضنا معه حتى أتى الغلام،
فقال:
(يا غلام، قل: لا إله إلا الله).
قال لا أستطيع أن أقولها.
قال
(ولم)
ظ قال:
لعقوقي والدتي.
قال:
(أحية هي)؟
قال:
نعــم.
قال:
(ادعـوها)
فدعـوها،
فقال:
(هذا ابنك)؟
قالت:
نعــم.
قال:
(أرأيت لو أن نار أججت، قيل لك: إن لم تشفعي له فدفناه في هذه النار).
قالت:
إذن كنت أشفع له.
قال:
(فاشهدي الله وأشهدينا أنك قد رضيت عنه).
قالت:
اللهم أني أشهدك وأشهد رسولك أني قد رضيت عن إبني قال:
(يا غلام، قل: لا إله إلا الله).
فقال:
لا إله إلا الله. فقال رسول الله :
(الحمد لله الذي أنقذه بي من النار).
وعن مالك بن دينار،
قال:
بينما أنا أطوف بالبيت الحرام إذ أعجبني كثرة الحجاج والمعتمرين، فقلت:
ليت شعري من المقبول منهم فأهنئه، ومن المردود منهم فأعزيه.
فلما كان الليل رأيت في منامي قائلاً، يقول: مالك بن دينار يسأل عن الحاج والمعتمرين؟
قد غفر الله لهم أجمعين، الصغير والكبير، الذكر والأنثى، الأسود والأحمر، إلا رجلاً واحداً
فإن الله تعالى عليه غضبان، وقد رد الله حجه، وضرب به في وجهه.
قال مالك:
فنمت بليلة لا يعملها إلا الله عز وجل وخشيت أن أكون ذلك الرجل، فلما كانت
الليلة الثانية، رأيت في منامي مثل ذلك، غير أنه قيل لي: ولست أنت ذلك الرجل، بل
هو من خراسان من مدينة بلخ، يقال له: محمد بن هارون البلخي.
فلما أصبحت أتيت قبائل خراسان، فقلت: أخيكم محمد بن هارون؟
قالوا:
بخ بخ، تسأل عن رجل ليس بخراسان أعبد ولا أزهد منه ولا أقرأ منه.
فعجبت من جميل ثناء الناس عليه وما رأيت في منامي. فقلت:
أرشدوني إليه.
قالوا:
أنه منذ أربعين سنة يصوم النهار، ويقوم الليل، ولا يأوي إلا الخراب، ونظنه في خرائب مكة.
فجعلت أجول في الخرابات، فإذا هو قائم خلف جدار، وإذا يده اليمنى معلقة في عنقه وقد شدها بقيدين عظيمين إلى قدميه، وهو راكع وساجد. فلما أحس بهمس قدمي،
قال:
من تكون؟
قلت:
مالك بن دينار،
قال:
يا مالك ما جاء بك إليَّ؟ إن كنت رأيت رؤيا فاقصصها علي. قال: أستحي أن أقولها.
قال:
بل قل.
فقصصتها عليه، فبكى طويلاً،
وقال:
كنت رجل أكثر شرب المسكر، فشربت يوماً عند خدن لي حتى ثملت وزال عقلي،
فأتيت منزلي فدخلت، فإذا بأمي توقد تنوراً لنا، فلما رأتني أتمايل بسكري، أقبلت
تطعمني، وتقــول: هذا آخر يوم من شعبان وأول ليلة من رمضان، يصبح الناس
صواماً، وتصبح سكران!! أما تستحي من الله؟ فرفعت يدي فلكزتها. فقالت: تعست. فغضبت لقولها وحملتها بسكري ورميت بها في التنور فلما رأتني امرأتي، أدخلتني بيتاً
وأغلقت علي.
فلما كان آخر الليل ذهب سكري، دعوت زوجتي لفتح الباب،
فأجابتني بجواب فيه جفاء،
فقلت:
ويحك ما هذا الجفاء؟
قالت:
تستأهل ألا أرحمك.
قلت:
لم؟
قالت:
قتلت أمك، رميت بها في التنور فاحترقت.
فخرجت إلى التنور فإذا هي كالرغيف المحروق. فخرجت وتصدقت بمالي، وأعتقت
عبيدي، وأنا مذ أربعين سنة أصوم النهار وأقوم الليل، وأحج كل سنة، ويرى لي كل
سنة عابد مثلك هذه الرؤيا.
فنفضت يدي في وجهه، وقلت: يا مشؤوم، كدت تحرق الأرض وما عليها بنارك، وغبت
عنه بحيث أسمع حسه ولا أرى شخصه فرفع يديه إلى السماء، وقال: يا فارج الهم وكاشف
الغم، يجيب دعوة المضطرين، أعوذ برضاك من سخطك، وبما فاتك من عقوبتك، ولاتقطع
.رجائي، وتخيب دعائي.
فذهبت إلى منزلي ونمت، فرأيت في المنام قائلاً يقول:
يا مالك لا تقنط الناس من رحمة الله.
إن الله اطلع من الملأ الأعلى إلى محمد بن هارون فاستجاب دعوته،
وقال
عثرته، أعذ إليه وقل له:
أن الله يجمع الخلائق يوم القيامة، ويقتص للجماء من القرناء، ويجمع بينك وبين
والدتك، فيحكم لها عليك، ويذيقك النار، ثم يهبك لأمك.
كيفية العقوق
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه،
قال
(إبكاء الوالدين من العقوق).
وعن عمر بن الزبير،
قال:
(ما بر أبويه من أحد النظر إليهما).
وعن محمد بن سيرين،
قال:
(من مشى بين يدي أبيه فقد عقه، إلا أن يمشي يميط الأذى عن طريقه. ومن دعا أباه
باسمه فقد عقه، إلا أن يقول: يا أبت).
وعن مجاهد،
قال:
(لا ينبغي للولد أن يدفع يد والده إذا ضربه، ومن شد النظر إلى والديه لم يبرهما،
ومن أدخل عليهما ما يحزنهما فقد عقهما).
وقال الحسن البصري:
(منتهى القطيعة أن يجالس الرجل أباه عند السلطان).
وقال فرقد:
قرأت في بعض الكتب:
(ما بر ولد حر بصره إلى والديه، وأن النظر إليهما عبادة، ولا ينبغي للولد أن يمشي بين
يدي والده ولا يتكلم إذا شهد، ولا يمشي عن يمينهما، ولا عن يسارهما، إلا أن يدعواه
فيجيبهما، أو يأمراه فيطيعهما، ولكن يمشي خلفهما كالعبد الذليل).
وقال يزيد بن أبي حبيب:
(إيجاب الحجة على الوالدين عقوق). يعني الانتصار عليهما في الكلام.
وسئل كعب الأحبار، عن العقوق،
فقال:
(إذا أمرك والدك بشيء فلم تطعهما فقد عققتهما العقوق كله).
من كتاب بر الوالدين لإبن الجوزي